ما هو التنوع البيولوجي؟
يشير التنوع البيولوجي (التنوع البيئي( إلى جميع أشكال الحياة على الأرض وهو لا يشمل فقط مجموعة واسعة من الكائنات الحية – الدقيقة منها مثل البكتيريا والفيروسات إلى الكائنات الفقرية الأكبر والأكثر تعقيداً مثل الحوت الأزرق – ولكنه يمثل أيضاً التنوع الجيني داخل هذه الأنواع وفيما بينها. علاوة على ذلك، فإن التنوع البيولوجي يأخذ في الاعتبار أيضاً تنوع النظم البيئية التي تعيش فيها هذه الأنواع. يخلق هذا التنوع شبكة معقدة ومترابطة من العلاقات البيولوجية، والتي بدورها تشكل أنظمة بيئية معقدة وديناميكية داخل بيئتنا.
ما أهمية الحفاظ على التنوع البيولوجي؟
الحفاظ على التنوع البيولوجي أمر ضروري لأنه يساهم بشكل كبير في زيادة الحيوية الاقتصادية والمرونة البيئية. كلما زاد تنوع النظام البيئي، زادت إمكانات الأنشطة الاقتصادية مثل الزراعة وإنتاج الكتلة الأحيائية. لذلك، يمكن لبلد أو منطقة التعويل على تنوعها البيولوجي لتعزيز اقتصادها الأخضر. وبالتالي، يصبح من الضروري الحفاظ على التنوع البيولوجي للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي والبيئي داخل منطقة أو بلد معين.
ما هي العوامل التي تؤثر على التنوع البيولوجي؟
يتأثر التنوع البيولوجي بعدد لا يحصى من العوامل، سواء كانت طبيعية أو بشرية. تساهم الظواهر الطبيعية مثل التغير المناخي والأعاصير والبراكين بشكل كبير في انحسار التنوع البيولوجي، لا سيما في المناطق التي تتأثر بشدة بهذه الظروف. على سبيل المثال، كان لأحداث الطقس المتطرفة والكوارث الطبيعية مثل حرائق الغابات في أستراليا والأمازون آثار مدمرة على التنوع البيولوجي المحلي.
من ناحية أخرى، تشكل الأنشطة البشرية تهديدات كبيرة للتنوع البيولوجي. حدد الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة فئات مختلفة من التهديدات، بما في ذلك فقدان الموائل بسبب الزراعة والتحضر، والاستغلال المفرط من خلال أنشطة مثل الصيد وصيد الأسماك، والتلوث، والأنواع الغريبة الغازية، وتغير المناخ الناتج عن الانشطة البشرية مثل حرق الوقود الأحفوري وإزالة الغابات. يمكن أن يكون لتطوير البنية التحتية، بما في ذلك بناء السدود ومحطات الطاقة، تأثيرات كبيرة على التنوع البيولوجي من خلال تغيير الموائل وتعطيل النظم البيئية. لذلك، يتطلب الحفاظ على التنوع البيولوجي معالجة العوامل الطبيعية والعوامل التي يسببها الإنسان والتي تهدد وجود ذلك التنوع.
هل هناك أنواع مهددة بالانقراض في العراق؟
يتميز العراق بتنوع بيولوجي فريد من نوعه، لا سيما في منطقته الجنوبية، فهو موطن لتسع من أهم المناطق البيئية في الشرق الأوسط، يواجه اثنان منها خطر الانقراض.
يعتبر العراق موطن لمجموعة متنوعة من الأنواع المهددة بالانقراض من النباتات والحيوانات، وبعضها يستوطن فقط في العراق. وتشمل هذه الأنواع المستوطنة القضاعة العراقية ناعمة الفراء والرَكين طويل الذنب، وكلاهما مدرج في القائمة الحمراء للأنواع المهددة بالانقراض، بالإضافة إلى الرفش الفراتيوهازجة قصب البصرة وتعيش هذه الأنواع في الغالب في الأحواض العليا وأحياناً المنخفضة لنهري دجلة والفرات، وتساهم قيمتها البيولوجية العالية في الاعتراف بالعديد من المناطق في جنوب العراق كمناطق حماية دولية بموجب اتفاقية رامسار.
في المناطق الغربية من البلاد، هناك العديد من الأنواع المهددة بالانقراض، بما في ذلك نوعين من الأسماك العمياء، وهي فريدة من نوعها في هذه المنطقة. وتعد المناطق الشمالية من العراق أيضاً موطناً للعديد من الأنواع النباتية والحيوانية المهددة بالانقراض مثل السلمندر الكردستاني، المهدد بالانقراض بشدة، والنمر الفارسي، وهو حيوان مفترس موجود في الجبال الشمالية من العراق. بالإضافة إلى ذلك، تعيش مجموعة متنوعة من الطيور المهددة بالانقراض في هذه المناطق، ولا سيما الرخم المصري، الذي تم إدراجه على أنه معرض للخطر في القائمة الحمراء للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، والأفعى القرناء عنكبوتية الذنب في سفوح شرق العراق.
ما الذي يمكن أن يفعله العراقيون (شعباً وحكومةً) للمساهمة في الحفاظ على التنوع البيولوجي؟
يتعرض التنوع البيولوجي في العراق كما ذكرنا للتهديد بسبب عدة عوامل، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر، الصيد غير المنظم والصيد الجائر. تم تحديد هذه التحديات من قبل الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة والعديد من الدراسات الأكاديمية حول التنوع البيولوجي في العراق.
وقد أدت الأحداث الأخيرة، مثل اختطاف صغار الذئاب من مناطق مختلفة لاستخدامها كحيوانات أليفة، إلى انخفاض أعداد الذئاب، مما أدى إلى زيادة أنواع الآفات مثل الخنازير البرية، والتي تشكل تهديدات اقتصادية كبيرة للزراعة. علاوة على ذلك، ساهمت الممارسات الطبية التقليدية والخرافات، مثل استخراج الزيوت من سلحفاة الفرات وأنياب الكلاب من الذئاب الرمادية، في انخفاض عدد هذه المخلوقات.
لمواجهة هذه التهديدات، فإن الجهود الجماعية للعراقيين ضرورية، بدءاً من زيادة الوعي حول الحفاظ على التنوع البيولوجي من خلال المؤسسات التعليمية، وخاصة بين الأجيال الشابة. ومن الضروري أيضاً التعاون مع الوزارات الحكومية ذات الصلة للسيطرة على حوادث الصيد غير المنظم وتنظيمها، حيث يتطلب الحفاظ على التنوع البيولوجي وجود جبهة موحدة بين العراقيين، تدعمها القوانين والأنظمة الصحيحة للحد من مثل هذه الأنشطة التخريبية. ونظراً لالتزامها باتفاقية التنوع البيولوجي، يتوجب على الحكومة العراقية أن تقود هذه المبادرات.
تدهور التنوع البيولوجي
Degradation of biodiversity
تدهور الأنواع البيولوجية أو انقراضها وإحلالها بأنواع أخرى هي عملية تتم منذ العصور الجيولوجية الأولى وتغيرت هذه الأنواع كماً وكيفاً منذ نشأة الأرض 4000 مليون سنة حتى الآن عديداً من المرات فكل نوع له عمر افتراضي ينفى بعده بتحكم عوامل الطبيعة وليس للإنسان دور في ذلك فعلى سبيل المثال اختفت الحيوانات الكبيرة الحجم مثل الديناصورات والزواحف كبيرة الحجم وحلت محلها زواحف أصغر منها حجماً وأندثرت النباتات السرخسية ، وحلت محلها معراة البذور والتي تراجعت بدورها ليحل محلها مغطاة البذور .
أسباب تدهور التنوع البيولوجي :
العوامل البشرية :
هي العوامل التي تؤثر على حياة الأنواع البيولوجية بسبب تدخل الإنسان المباشر أو غير المباشر ومن هذه العوامل :
- الصيد الجائر
يعتبر الصيد الجائر هو العامل المؤثر في انقراض الحيوانات مثل الغزال العربي والفيل الأفريقي والصقور والنسور ، وكذلك الحيتان والسلاحف وقد أدى هذا الصيد إلى تضاؤل أعداد هذه الحيوانات ، وأصبحت مهددة بالانقراض ويضاف إلى ذلك بطء تكاثرها مما ساعد على تضاؤل أعدادها .
- الجمع الجائر
يؤثر الجمع الثائر بالدرجة الأولى على حياة النباتات البرية وخاصة النباتات الطبية والنباتات ذات الأهمية في التراث الشعبي فتراجعت أعداد بعض هذه النباتات في الفلورة المصرية ، مثل: الحنظل (Citrullus colocynthis ) كف مريم (Anastatca hierchuntica )
الكبار (Capparis Spinosa ) الشيح (Artemisia herba-alba )
وفي السعودية تراجع الغطاء النباتي الطبيعي في منطقة تهامة ، حتى أصبح لا يغطي احتياجات الحيوانات المحلية ويوضح تأثير جمع البيض وصغار الطيور تدهور الأنواع البرية من الطيور في أوروبا .
- الرعي الجائر
تتأثر الأنواع النباتية في الدول العربية ، تأثراً شديداً بالرعي الجائر ، بسبب ندرة الأمطار في معظم المناطق الصحراوية المنتشرة في الدول العربية ، ذلك أن الرعي الجائر لأعداد كبيرة من الماشية والأغنام لمدة زمنية قصيرة أو لعدد قليل من الماشية والأغنام لمدة زمنية طويلة على مساحة ثابتة من المراعي يؤدي إلى تدهور الأنواع النباتية ، التي تستخدم كغذاء لهذه الحيوانات وتفقد قدرتها على النمو مرة أخرى ويساعد أيضاً على تدهور هذه الأنواع قلة الأمطار وانعدامها لعدة سنوات متتالية ، مما يجعل هذه الأنواع على وشك الانقراض ومن هذه الأنواع :
أبو ركبة ( panicum turgidum ) الجرجاس (Trigonella stellata )
النوة (Stipagrostis scoparia ) السباد ( Stipa capensis )
- الزحف العمراني :
يؤدي الزحف العمراني للمنشآت السكنية أو الصناعية أو السياحة – بسبب الزيادة السكانية – إلى إزالة الكساء الخضري الطبيعي في بعض الأماكن ، خاصة المناطق الساحلية وإحلالها بمنشآت خرسانية فيؤدي ذلك تدهور الأنواع النباتية الموجودة بالمنطقة ، نتيجة لعدم قدرتها على الاستمرار في المكان نفسه وتعثر هجرتها إلى أماكن أخرى بسبب العوائق الخرسانية ، التي تعمل على كحاجز يمنع عملية الهجرة بالإضافة إلى تضاؤل إنتاج وحدات الإكثار مثل البذور والجذور والسيقان الأرضية ، وقد تهاجر بعض هذه الأنواع ولا تجد الموئل المناسب لها فيؤدي ذلك لزيادة تدهورها .
5 – استصلاح الأراضي :
يؤدي استصلاح الأراضي إلى إزالة الغطاء النباتي في منطقة معينة وإحلاله بعدد محدود من النباتات المزروعة ، وهذا يؤدي إلى تدهور الأنواع البرية وكذلك يؤدي الاستصلاح أو إعادة تأهيل الأراضي الرطبة أو السبخات إلى انقراض النباتات الموجودة بها .
ومن هذه النباتات :
البردي (Biodiversity diversity )
السمار المر ( Juncos Rigidus )
ومن الجدير بالذكر أن الأراضي الرطبة لها أهمية عالمية كبيرة ، لأنها موئل لمبيت وتكاثر الطيور المهاجرة فاستصلاح هذه الأراضي يؤدي لتدهور هذه الطيور وقد أبرمت اتفاقية عالمية للحفاظ على الأراضي الرطبة في كل أنحاء العالم وتعرف باسم اتفاقية ” رامسار للأراضي الرطبة ” في 2 / 2 / 1971 .
- قطع الغابات :
يؤثر هذا التدخل تأثير مباشراً على الحياة النباتية في الغابات ، ويؤدي لفنائها ففي السودان مثلاً كانت المنطقة الواقعة بين خطي عرض 15 – 13 شمالاً عامرة بالأشجار الكثيفة وتمت إزالتها لزراعتها ولكن هذه المنطقة تتعرض للرياح الشمالية الجافة فأدى ذلك إلى تدهور التربة ، وأصبحت هذه المنطقة تفتقر للحياة النباتية وتظهر حركة قطع الغابات واضحة في شمال غرب قارة أوروبا ويوضح شكل ( 6 ) تأثير قطع الغابات على تدهور الطيور البرية في أوروبا .
- التلوث :
تتأثر الأنواع النباتية والحيوانية بالتلوث ومن أهم الملوثات النشاط البترولي وما ينتج عنه من زيوت ثقيلة تغطي سطح التربة والمياه ، مما يؤدي إلى هلاك الطيور والأنواع البحرية مثل الأسماك والقشريات وظهر ذلك جليا أثناء حرب الخليج عندما تسربت كميات من زيت البترول لمياه الخليج العربي كما يؤثر عادم ومخلفات المصانع على الحياة النباتية البرية فيتراجع المجموع الخضري ، ويتراجع إنتاج البذور لهذه الأنواع ، ويؤثر على قدرتها على الاستدامة كما يتسبب التلوث بالمبيدات في انقراض الحيوانات الميكروبية التي تعمل على زيادة خصوبة التربة وأيضاً تتدهور الأنواع الحيوانية في المناطق الزراعية عند استخدام المبيدات الحشرية ومبيدات الأعشاب .
العوامل الطبيعية :
هي مجموعة من العوامل التي تؤثر على التي تؤثر على حياة الأنواع البيولوجية سلباً ، دون تدخل الإنسان ومنها :
- تغير المناخ
تتعرض بعض المناطق إلى رياح ، جافة لعدة سنوات متتالية فيحدث تدهور للحياة النباتية وتتفكك التربة وتنجرف مع الرياح وتتصحر هذه المناطق كما حدث في شمال غرب السودان وجنوب ليبيا والجزائر والصحراء الغربية في مصر . كما أن ندرة الأمطار تساعد على تدهور الحياة النباتية ويتسبب انعدام الأمطار في انعدام الحياة كما في الربع الخالي بالمملكة العربية السعودية ، ويساعد تغير المناخ في تدهور الأنواع الحيوانية .
- زحف الرمال :
يؤثر زحف الرمال على الأنواع النباتية في المناطق الصحراوية في الدول العربية فبعض النباتات تتحرك التربة من حول جذورها والبعض الآخر تغطية الرمال فيؤدي ذلك إلى جفافها وإزالتها من الأرض فتتدهور هذه الأنواع .
ومن النباتات التي تأثرت بتدهور التربة :
البياض (Convolulus lanatus ) النوة ( Stipagrostis pulmosa ) ، أبو ركبة ( Panicum turgidum )
تأثرت عدة دول عربية من جراء زحف الرمال ففي العراق طمرت الرمال معظم القنوات ، ونظم الصرف المهمة بين نهري دجلة والفرات وكذلك المشروعات الزراعية التي أقيمت في المنطقة وفي الأردن أدى زحف الرمال على وادي بطوم إلى تدهور الكساء الخضري في هذا الوادي ، وتراجعت أعداد شجر البطوم ( Panicum atlantica ) بعد أن كان نموها كثيفاً بالوادي وفي سوريا يؤدي زحف الرمال والعواصف والرملية القادمة من الصحراء الشرقية إلى تدمير المزروعات على السواحل الغربية .
- البراكين :
يؤثر النشاط البركاني بالسلب على الحياة النباتية والحيوانية فعندما ينشط البركان تغطي الحمم البركانية مناطق شاسعة من الأراضي وتتسبب في هلاك الأنواع النباتية والحيوانية ، بالإضافة إلى الأتربة والأدخنة ، التي تؤثر على مساحات كبيرة حول البركان .
- التصحر :
يعرف التصحر بأنه تحول الرقعة الزراعية إلى موائل أقل ملاءمة للحياة النباتية . ويحدث التصحر بسبب العوامل الطبيعية مثل : ندرة الأمطار أو ارتفاع درجات الحرارة ، أو زحف الرمال وتحدث بسبب العوامل البشرية ، مثل : الإسراف في استخدام المبيدات والأسمدة الكيماوية فتتراكم داخل التربة فتفقد التربة خصوبتها، ويعتبر التصحر آخر مراحل تدهور التنوع البيولوجي ، حيث تختفي الحياة في هذه المناطق تماماً .
الجهود المطلوبة من العالم العربي لإيقاف تدهور التنوع البيولوجي
Efforts needed in the Arab World to stop biodiversity degradation.
تتلخص الجهود المطلوبة لوقف تدهور الأنواع البيلوجية في النقاط الآتية :
- بناء قاعدة معلومات متكاملة عن الأنواع النباتية .
- تقنين استهلاك الأنواع البرية .
- تمويل المشروعات البحثية التي تتضمن بحث حفظ الأصول الوراثية وإكثارها
- دراسة أسباب التدهور ومحاولة معالجتها .
- تطبيق برامج الحماية على بعض الأنواع النادرة .
- التوسع في تطبيق أساليب زراعة الأنسجة لإكثار النباتات المهددة بالانقراض
- تطوير استراتيجية تسويق هذه النباتات ومستخلصاتها ، حتى يكون لها مردود اقتصادي
- التعاون بين الدول العربية لتكامل المنفعة من الأنواع النباتية الموجودة بالمنطقة .