الزراعة أو الفلاحة هي عملية إنتاج الغذاء، العلف، والألياف وسلع أخرى عن طريق التربية النظامية للنبات والحيوان. تشمل الزراعة مجموعة واسعة من الأنشطة التي تتضمن تحسين المحاصيل، تربية الحيوانات، وإدارة الحاصلات الزراعية. تعتبر الزراعة جزءًا أساسيًا من الاقتصاد في العديد من البلدان وتشمل أيضًا استخدام التكنولوجيا الحديثة لتحسين الإنتاج والكفاءة.
يمكن أن تؤدي تأثيرات التغير المناخي على الزراعة إلى انخفاض غلة المحاصيل والجودة الغذائية، بسبب الجفاف وموجات الحر والفيضانات، فضلًا عن زيادة الآفات وأمراض النباتات. تتفاوت التأثيرات في أرجاء العالم، وتسببها التغيرات في درجات الحرارة وهطول الأمطار ومستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، الناجمة عن تغير المناخ العالمي
قُدر في عام 2019 أن الملايين قد عانوا بالفعل من انعدام الأمن الغذائي بسبب التغير المناخي والتراجع المتوقع في إنتاج المحاصيل العالمي البالغ 2-6% حسب العقد الزمني.
كان التوقع في عام 2019 أن ترتفع أسعار المواد الغذائية بنسبة 80% بحلول عام 2050، مما سيؤدي على الأرجح إلى انعدام الأمن الغذائي، والتأثير بشكل غير متناسب على المجتمعات الفقيرة.
تقدر دراسة أجريت عام 2021 أن شدة تأثيرات موجات الحر والجفاف على إنتاج المحاصيل، تضاعفت ثلاث مرات على مدى الخمسين عامًا الماضية في أوروبا، من خسائر بلغت 2.2% خلال الفترة بين عامي 1964-1990 إلى خسائر بلغت 7.3% بين 1991-2015. تنجم التأثيرات المباشرة لتغيرات أنماط الطقس، عن ارتفاع درجات الحرارة وموجات الحر والتغيرات في هطول الأمطار (بما في ذلك الجفاف والفيضانات). تنشأ أيضًا تأثيرات مباشرة من زيادة مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي: كزيادة غلات المحاصيل بسبب التسميد بثاني أكسيد الكربون ولكن أيضًا انخفاض القيمة التغذوية للمحاصيل (انخفاض مستويات المغذيات الدقيقة). سيكون هناك تغيرات مسبَّبة مناخيًا في الآفات والأمراض النباتية والأعشاب الضارة والتي يمكن أن تؤدي إلى انخفاض الغلات أيضًا.
تشمل الآثار الأخرى غير المباشرة للظروف المتغيرة فقدان الأراضي الزراعية بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر، ومن ناحية أخرى، ازديادًا في الأراضي الصالحة للزراعة بسبب تراجع التربة الصقيعية. كما سيكون هناك نقص في توافر مياه الري بسبب ذوبان الأنهار الجليدية، وتأثيرات على التعرية وخصوبة التربة، وتأثيرات على فترات النمو، وسلامة الأغذية وخسائرها (التي تسببها الفطريات، مؤدية إلى السموم الفطرية، أو البكتيريا مثل السالمونيلا، التي تتزايد مع الاحترار العالمي) وأعباء مالية إضافية.
لتغير المناخ آثار سلبية وخيمة على الأنشطة الزراعية على مستوى العالم، وأمام هذه المخاطر تطرح العديد من الحلول منعا لتفاقم الأزمة.
في البداية نود أن نشير إلى ارتفاع درجة الحرارة بشكل غير مسبوق وارتفاع ملوحة التربة أثر على المحاصيل الزراعية وجعل بعضها مهدد بالانقراض بسبب عدم قدرة النباتات على التكيف.
هجرة المناطق الزراعية
وإذ استمرت أضرار الظواهر المناخية المتطرفة، مثل الفيضانات والحرارة المرتفعة في التأثير على الزراعة، فمن نتائج ذلك ارتفاع معدل الهجرة من المناطق الزراعية صوب المناطق الحضرية.
قلة إنتاج المحاصيل
كما أن ارتفاع درجة الحرارة يمكن أن يؤدي إلى زيادة أعداد الآفات الحشرية، مما يضر بنتاج المحاصيل الأساسية مثل القمح وفول الصويا والذرة، وبالتالي تتفاقم ظاهرة انعدام الأمن الغذائي خاصة في الدول الفقيرة.
خسائر فادحة بسبب الجفاف
ويضاف إلى ذلك موجات الجفاف التي تحدث بفعل الاحتباس الحراري أيضا، ويكون من نتائجها الوخيمة إلحاق خسائر فادحة في المحاصيل الزراعية..
تطوير أسمدة أكثر حداثة
ومن الحلول المطروحة لحماية هذه الزراعة والأمن الغذائي من حدة التغيرات المناخية المتطرفة تطوير أسمدة أكثر حداثة.
الزراعة المتجددة
بالإضافة إلى ذلك، هناك حلول أخرى وهي والعودة إلى ما يسمى بممارسات “الزراعة المتجددة” التي تعمل على استعادة التنوع البيئي للتربة لسنوات قادمة، وبالتالي تحسين المحصول
هل يمكن للخريطة الزراعية التكيف مع تغير المناخ؟
تحتاج الخريطة الزراعية إلى التكيف مع تغير المناخ، عبر اتخاذ إجراءات لتحسين إدارة الموارد المائية وتطوير تقنيات الري الحديثة للتعامل مع نقص المياه، والاهتمام بالبحوث الزراعية لتطوير محاصيل مقاومة للجفاف والحرارة العالية، بما يساعد على التكيف مع تغير المناخ ويحقق الاستدامة الزراعية.
تأثيرات محددة
ولفهم تأثير تغير المناخ على الخريطة الزراعية، استعرض مختصون بعض الجوانب المختلفة من الزراعة التي يمكن أن يمتد لها هذا التأثير، بدءًا من مواعيد الزراعة وانتهاءً بمستويات الإنتاج الزراعي، على النحو التالي:
• تغير في مواعيد الزراعة: ارتفاع درجات الحرارة وتغيرات في نمط الأمطار يمكن أن تؤثر على مواعيد زراعة المحاصيل. قد تزداد الحاجة إلى تكييف مواعيد الزراعة لتتناسب مع التغيرات المناخية.
• تغير في مواسم الحصاد: يمكن أن يؤثر تغير المناخ على مواعيد الحصاد ويسبب تقلبات في جودة وكمية المحاصيل المحصولة.
• تغيرات في توزيع الأمطار: يمكن أن تؤثر تغيرات في توزيع الأمطار على نوعية التربة وتوفر المياه، بما يؤدي إلى تغير في الأصناف النباتية التي يمكن زراعتها في المناطق المختلفة.
• زيادة الظواهر الجوية المتطرفة: يمكن أن تؤدي زيادة التطرفات الجوية، مثل الفيضانات أو الجفاف، إلى فقدان المحاصيل وتدهور الظروف الزراعية.
• ارتفاع درجات الحرارة: يمكن أن يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى تغير في النبوغ الزراعي ومواعيد نضج المحاصيل.
• تأثير على النظم البيئية: تغير المناخ يمكن أن يؤثر على التوازن البيئي في المناطق الزراعية، وبما يؤثر على توفر الموارد الحيوية للمزارع.
• تغير في انتشار الأمراض والآفات: يمكن أن يزيد تغير المناخ من انتشار بعض الأمراض والآفات التي قد تؤثر على المحاصيل.
• الحاجة إلى أصناف نباتية متكيفة: قد يتطلب تغير المناخ تطوير واستخدام أصناف نباتية تكون متكيفة مع ظروف النمو المتغيرة.
• تأثير على توزيع المحاصيل: قد يؤدي تغير المناخ إلى تغير في توزيع المحاصيل، حيث يمكن أن تصبح بعض المناطق أقل صالحة لبعض الزراعات وتصبح مناطق أخرى أكثر صلاحية.
• ضغوط على الموارد المائية: قد يؤدي تغير المناخ إلى تأثيرات على توافر المياه اللازمة للري، مما يضع ضغوطًا على الزراعة في المناطق التي تعتمد بشكل كبير على المياه.
• ضرورة استدامة الزراعة: تغير المناخ يبرز أهمية تحسين الاستدامة في الزراعة، بما في ذلك استخدام تقنيات ترشيد الاستهلاك المائي وتطبيق ممارسات زراعية أكثر استدامة.
ويتطلب تغير المناخ وما يخلفه من تحديات جديدة تكيفًا وابتكارًا مستمرين في قطاع الزراعة، بما في ذلك استخدام تقنيات جديدة وتنظيم أفضل لمواعيد الزراعة، وتحسين استدامة الزراعة لتحقيق توازن بين احتياجات الإنتاج الغذائي والحفاظ على البيئة
التكيف والتخفيف
يوضح أستاذ الدراسات البيئية عبدالمسيح سمعان، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، تأثير تغير المناخ على الخريطة الزراعية، بأنه ينقسم إلى شقين:
الشق الأول متعلق بارتفاع درجات الحرارة، والتي وصلت الآن لزيادة أعلى من المتوسط قدرها 1.4 مئوية (بحسب المنظمة العالمية للأرصاد الجوية)، وهذا له تداعيات على المحصول الزراعي، والمياه التي تروي المحصول، فإذا قلت المياه هذا يعني أن كل الزراعات ستقل نتيجة شح المياه. هذا بالإضافة إلى أنه إذا حدثت سيول في بعض الأماكن فهذا أيضا يؤثر سلبًا على الزروع بهدرها.
الشق الثاني يتعلق بأنه لكل محصول درجة حرارة معينة خلال دورة نموه، ومع ارتفاع درجات الحرارة فهذا يعني أن معظم المحاصيل الزراعية -تقريبا- ستقل إنتاجياتها ما بين 5% إلى 30% مثل الذرة والقمح والأرز، باستثناء المحصول الوحيد الذي قد ينجو من هذا الأمر وهو القطن لأنه يحتاج إلى درجات حرارة عالية فإن باقي المحاصيل ستتأثر بدرجات الحرارة المرتفعة.
ويشير أستاذ الدراسات البيئية، إلى جهود التكيف والتخفيف في القطاع الزراعي، ومن ضمن آليات التكيف خلق دورة زراعية مغايرة؛ فالفلاح يعلم بطبيعة الحال مواسم زراعة كل محصول، فإذا حدث تغير في درجات الحرارة في الوقت المفروض الزراعة به فلابد له أن يفكر في دورة زراعية جديدة.
التغير المناخي و علاقته بالزراعة
التغيرات المناخية التي ضربت مساحات زراعية واسعة من بلاد الرافدين، مما يشكل منحى خطراً على الأمن المائي والغذائي وتأثيراته في الخطط الزراعية تزامناً مع الارتفاع القياسي لدرجات الحرارة في البلاد، تزامناً مع انحسار الإطلاقات المائية لدول المنبع.
انتشار التصحر
وأكد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق أن مناطق الأهوار هي الأكثر عرضة لتأثيرات التغير المناخي، مشيراً إلى أن بلاده تفقد نحو 400 ألف دونم (400 كيلومتر مربع) من الأراضي الزراعية سنوياً بسبب التغيرات المناخية.
وقال الممثل المقيم للبرنامج أوكي لوتسما إنه “تم تصنيف العراق في المرتبة الخامسة بين الدول الأكثر عرضة للتأثر بالتغير المناخي”، مشيراً إلى أن “درجة الحرارة تزداد بمعدل اثنتين إلى سبع مرات أسرع من الدرجات العالمية القياسية”.
وأضاف ممثل البرنامج الأممي أن “مناطق الأهوار الأكثر عرضة لتأثيرات التغير المناخي”، منوهاً بأن “السنوات الأخيرة شهدت زيادة في درجات الحرارة ووصولها إلى أكثر من 55 درجة مئوية، مما زاد من تواتر وشدة نوبات الجفاف”.
ونوه لوتسما بأن “برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق يعمل مع الحكومة العراقية في مجال العمل المناخي، ويدعمها في أولوياتها الوطنية، إذ أدركت أن تغير المناخ يمثل تهديداً مباشراً للبلاد، ويمكن رؤية هذا التهديد في شح المياه والعواصف الترابية وموجات الحرارة الشديدة والتصحر والأمن الغذائي، وكذلك فقدان التنوع البيولوجي وتدهور الأراضي، إذ يفقد العراق نحو 400 ألف دونم (400 كيلومتر مربع) من الأراضي الزراعية سنوياً”
المجتمع الدولي، لاتخاذ خطوات جادة للتصدي للتغير المناخي، وتعزيز قدرتها على الصمود وضمان التعامل مع الآثار الناجمة عن التغيرات المناخية”.
تضرر زراعي
في حين قالت نائب رئيس لجنة الزراعة والمياه والأهوار في مجلس النواب العراقي زوزان كوجر إن الجفاف يشكل خطراً على الأمن الغذائي والاقتصادي والمجتمعي في البلد، سواء كان بسبب التغيرات المناخية وندرة الأمطار والاحتباس الحراري أو قلة الواردات المائية في نهري دجلة والفرات وتأثرها بقلة الإطلاقات من تركيا.
وأضافت كوجر أن القطاع الزراعي الأكثر تضرراً، إذ أصاب الجفاف 70 في المئة من الأراضي الزراعية، إذ إنه يعتمد على مياه دجله والفرات بنحو 80 في المئة، لافتة إلى أن المحافظات الجنوبية تضررت بصورة أكبر، إضافة إلى أن كثيراً من العائلات العراقية وبخاصة في مناطق الأهوار نزحت وهاجرت بسبب تردي أحوالهم المادية لأنهم يعتمدون على الزراعة وتربية المواشي، وكلا القطاعين تأثر بالجفاف، محذراً في الوقت نفسه من تأثير الأزمة في السلم المجتمعي والأمن الاقتصادي.
دق تقرير نشرته صحيفة “واشنطن بوست”، الخميس، ناقوس الخطر من جراء التغييرات حيال التي يسببها التغير المناخي على العراق، وتحويله للأراضي الزراعية الخصبة إلى أراض جرداء مهجورة.
يشير التقرير إلى وجود شعور باليأس لدى السكان في جنوب العراق جراء الجفاف وارتفاع درجات الحرارة لمستويات قياسية، وهو الأمر الذي أدى لتلف الأراضي الزراعية وهجرة السكان من منطقة كانت يوما مهدا لأول حضارة إنسانية على وجه الأرض.
وقدرت الأمم المتحدة مؤخرا أن أكثر من 160 كيلومتر مربع من الأراضي الزراعية في العراق تحولت إلى صحاري جرداء.
في المقابل، أدى نقص الأمطار خلال السنوات الماضية إلى اعتماد المزارعين على مياه نهري دجلة والفرات، التي شهدت هي الأخرى نقصا نتيجة بناء تركيا وإيران سدودا عديدة على منابع تغذية النهرين.
أدى ذلك، وفقا للتقرير، إلى صعود المد الملحي من مياه الخليج جنوبي العراق باتجاه شط العرب، وصولا إلى نهري دجلة والفرات وبمسافة تقدر بـ100 كيلومتر في عمق مدينة البصرة.
ويلتقي نهرا دجلة والفرات في منطقة كرمة علي شمالي البصرة، ليشكلا شط العرب الذي يصب بدوره في مياه الخليج.
المياه”.
ويقول برنامج الأمم المتحدة للبيئة إنه في عام 2015، كان لدى كل عراقي 2100 متر مكعب من المياه المتاحة سنويا، مضيفا أنه بحلول عام 2025، ستنخفض تلك الكمية إلى 1750 مترا مكعبا، مما يهدد استقرار الزراعة والصناعة في البلاد على المدى البعيد، فضلا عن تهديد صحة السكان.
يقصد بتغير المناخ هي التغير طويل الأجل في درجات الحرارة وانماط الطقس وقد تكون هذه التحولات طبيعية فتحدث على سبيل المثال من خلال التغيرات في الدورة الشمسية، او بتأثير الأنسان وفي هذا الإطار اذ لوحظ منذ بداية القرن التاسع عشر بان الأنشطة البشرية قد أصبحت المسبب الرئيسي لتغير المناخ، ويعزى ذلك الى حرق الوقود الأحفوري مثل الفحم والنفط والغاز، حيث ينتج عن حرقها انبعاثات لغازات دفيئة تعمل عمل الغطاء الذي يلتف حول الكرة الأرضية مما يؤدي الى انحباس اشعة الشمس ورفع درجات الحرارة.
واستنادا الى قائمة العراق الوطنية لجرد الغازات الدفيئة لعام 1997 فان العراق قد ساهم بحوالي 72658 غيغاغرام مكافئ من غاز ثاني أوكسيد الكاربون المنبعث الى الجو، وقد ساهمت عدة قطاعات في انتاج هذه الكمية منها قطاع الطاقة 54.419 غيغاغرام مكافئ من غاز ثاني أوكسيد الكاربون أي ما يعادل 75%، وقطاع الصناعة 6.422 غيغاغرام مكافئ من غاز ثاني أوكسيد الكاربون أي ما يعادل 8.8%، وقطاع الزراعة 8.084% أي ما يعادل %11.1، والنفايات 3.733 غيغاغرام مكافئ من غاز ثاني أوكسيد الكاربون أي ما يعادل 5.1%.
1تأثير التغيرات المناخية على القطاع الزراعي
يشكل القطاع الزراعي جزءا رئيسيا من الحياة الاقتصادية والاجتماعية في العراق، اذ يشكل ما نسبته 8% من قيمة الناتج المحلي الجمالي. اذ تبلغ مساحة أراضيها الصالحة للزراعة بحدود 11.1 مليون هكتار والتي تشكل 26.2 % من مساحة القطر الإجمالية، حيث تقع نصف الأراضي الصالحة للزراعة تقريبا ضمن المناطق المتاحة للإرواء من نهري دجلة والفرات وروافدهما وفق المنظور الفني والاقتصادي، الا ان كمية الموارد المائية المتاحة من هذه المصادر المائية لا تكفي الا لإرواء مساحة بحدود 3.3مليون هكتار، اما النصف الاخر من الأراضي الصالحة للزراعة فإن ما نسبته 15% منها تقع ضمن المناطق المطرية المضمونة الأمطار (معدل هطول المطر السنوي اكثر من 450 ملم/سنة)، وما نسبته 23% منها يقع ضمن المناطق شبه مضمونة الأمطار(معدل هطول المطر السنوي يتراوح بين 350-450 ملم/سنة) اما الباقي والذي تصل نسبته الى %62 فأنها يقع ضمن المناطق غير مضمونة الأمطار( والذي يتراوح الهطول المطري فيها بين 50-350 ملم/سنة) وحسب الموقع الجغرافي وتوزيع الخطوط المطرية.
- قابلية القطاع الزراعي لتأثر بالتغاير المناخي
تقع معظم أجزاء العراق وحسب كميات الأمطار الساقطة ومعدلات درجات الحرارة السائدة ضمن ما يعرف بالأقاليم المناخية الجافة وشبه الجافة من العالم، لذا فان ابرز تأثيرات التغير المناخي على النظام الأيكولوجي للبلد تنعكس بصورة رئيسية على نظام الزراعة وامدادات المياه فيه، حيث تكون ابرز المسببات المناخية لهذا التأثير على الزراعة هي ارتفاع درجات الحرارة، والتباين والانخفاض في نظم الهطول المطري، وزيادة تواتر نوبات الجفاف مقارنة عن ذي قبل ومثال على سنوات الجفاف 2001-2000-1999 و2009-2008 ، اذ يعد المزارعون وصغار الفلاحين ومربوا الماشية وجميع الفئات المرتبطة بالإنتاج الزراعي ابرز المتأثرون بصورة مباشرة من تداعيات التغاير المناخي على الزراعة وينعكس ذلك التأثير بالنتيجة على نظم توفير الغذاء لجميع السكان نتيجة انخفاض الانتاج الزراعي النباتي والحيواني باعتباره مصدر الغذاء فضلا عن التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية على شريحة واسعة من المجتمع نتيجة انخفاض دخل المزارعين والهجرة من الريف الى المدينة وغيرها من التأثيرات.
- قابلية تأثر الزراعة المطرية
يشكل محصولي الحنطة والشعير الجزء الأساسي للزراعة المطرية في العراق، اذ تبلغ النسبة المئوية للمساحات المزروعة بالمحصولين ضمن المناطق المطرية الى المجموع الكلي للمساحة المزروعة بكليهما في البلد بحدود 30% للحنطة و 50% للشعير. ان هشاشة الزراعة المطرية في ظل التغايرات المناخية نتيجة التذبذب الكبير في كمية الهطول المطري من سنة لأخرى، فضلا عن تباين كميات سقوطها من شهر لآخر خلال اشهر الموسم الشتوي او انحسارها أحيانا سواء في بداية الموسم الزراعي او عند نهايته، حيث ينعكس ذلك بأثر سلبي على إنتاجية المحاصيل المزروعة في تلك الأراضي، ولعل ما يزيد من هشاشة الزراعة المطرية ان الأمطار تبدأ بالانحسار مع نهاية فصل الربيع في الوقت الذي تكون محاصيل الحبوب المزروعة وبالخصوص الحنطة في مرحلة متقدمة من النضج وبحاجة الى امطار إضافية مما يسبب اجهاد مائي على النبات ينعكس سلبا في إنتاجية المحصول، واحيانا خسارة المحصول بشكل شبه كامل وعدم حصاده.
قابلية تأثر نظم الزراعة المروية
تستهلك الزراعة المروية نسبة تزيد على 80% من جملة الموارد المائية المتاحة من نهري دجلة والفرات. وهناك ثلاثة عوامل رئيسية تساهم في هشاشة نظم الزراعة المروية التي تستوعب الجزء الأكبر من سكان الأرياف الذين يشكلون ما يقارب 33% من سكان العراق وكلاتي:
- تقع اغلب منابع النهرين وروافدهما في دول مجاورة للعراق، اذ تتبع تلك الدول سياسات انفرادية في إدارة الموارد المائية المشتركة، ان التناقص المستمر للواردات المائية للعراق سينعكس ويؤثر بصورة مباشرة على نظم زراعة المحاصيل والثروة الحيوانية في البلد مستقبلا.
- تدهور حالة البنى التحتية للزراعة وخصوصا منشآت الري والبزل من قنوات ري ونتيجة لسنوات
طويلة من الإهمال تزيد من هشاشة نظام الزراعة المروية.
ج. انخفاض كفاءة استخدام مياه الري وبالخصوص على مستوى الحقول المروية بسبب ضعف الوعي
العام لدى الفلاحين بأهمية الاستخدام الرشيد والمقنن لمياه الري وعدم استخدامهم لتطبيقات الادارة الحديثة للمياه داخل حقولهم مما يسبب الهدر في المياه ويساهم في زيادة مشكلة ملوحة وتغدق الأراضي.
- قابلية تأثر نظم المراعي الطبيعية والثروة الحيوانية
تشكل الأراضي الصالحة للرعي بحدود 70% من مساحة العراق ويقع معظمها ضمن ما يعرف بالمناطق غير مضمونة الأمطار واغلبها يقع تحت الخط المطري 200 ملم/سنة، حيث تتمثل هشاشة نظم المراعي الطبيعية في ان تلك الأراضي تتأثر بشدة نتيجة النقص والتباين في الهطول المطري سنويا وما ينتج عنه انحسار للأراضي الصالحة للرعي، ومما يزيد من هشاشة نظم المراعي الطبيعية هو الاستخدام الجائر للمراعي الطبيعية المتوفرة بسبب قلة الوعي لدى رعاة الماشية بأهمية الرعي الرشيد والعقلاني حيث يتم رعي الماشية في مراحل مبكرة من عمر النبات الطبيعي وذلك يؤدي الى استنفاذ النبت الطبيعي وعدم نموه مرة ثانية حتى لو توفر هطول مطري مناسب، ومن جانب أخر فان تناقص المراعي الطبيعية يساهم بشكل فعال بالتأثير على الثروة الحيوانية المعتمدة على الرعي كمصدر للغذاء والتي تقدر بنحو 50% للجمال، 36% للماعز، 34% للأغنام، 25% للجاموس و 23% للأبقار من مجمل الثروة الحيوانية في العراق. وفي سياق متصل فأن تقرير المسح الوطني للثروة الحيوانية 2008 لوزارتي الزراعة والتخطيط بيًن ان انحسار الغطاء النباتي وتدهور الأراضي وقلة التشجير ومشاكل الملوحة الناتجة من التغاير المناخي ساهمت في زيادة ظاهرة التصحر التي يعاني منها العراق لما تشكله من مشاكل بيئية كبيرة وفي مقدمتها زحف الكثبان الرملية و الأراضي الصحراوية على الأراضي الزراعية وعلى البنى التحتية للزراعة والطرق وغيرها.
ويمكن ايجاز تأثر هذا القطاع بتداعيات التغاير المناخي بعدة عوامل ابرزها:
- تناقص مساحة الأراضي المزروعة بالأعلاف.
- التأثيرات السلبية على صحة الحيوان الناجمة من ظهور امراض جديدة.
ج. التأثيرات السلبية على إنتاجية الحيوانات نتيجة الاجهاد الحراري.
قابلية تأثر قطاع الآفات النباتية
بالنسبة لقطاع الأمراض النباتية فأن الأثر المتوقع يختلف حسب المسبب المناخي حيث ان الظروف المناخية تشكل ثلث العوامل المسؤلة عن وقوع المرض ضمن ما يسمى بمثلث المرض Disease triangle، وتلك العوامل هي المسبب الحي Live pathogen والعامل الحساس Susuceptible Host والظروف الجوية المناسبة Suitable Environmental conditions ، حيث ان تأثير درجة الحرارة قد يعجل او يؤخر من ظهور الآفة، فعلى سبيل المثال فأن حشرة دوباس النخيل التي تنتشر بشكل واسع في العراق تتاثر بارتفاع درجة الحرارة من حيث ظهور الحوريات فيؤثر ذلك في توقيتات مكافحة هذه الآفة.
- المعالجات التي يمكن من خلالها الحد من تأثير التغايرات المناخية
ا- تنفيذ مشروع استخدام الري بالرش في زراعة المحاصيل وخاصة الإستاتيجية منها كالحنطة والشعير وذلك لترشيد مياه الري فضلآعن دعم استخدام الري بالتنقيط في زراعة الخضر والبستنة.
- انشاء محطات المراعي الطبيعية في المناطق الرعوية بالعراق لغرض انتاج النباتات الرعوية وخاصة النباتات المتحملة للجفاف والملوحة ومن ثم نقل تلك النباتات وزراعتها في المناطق الرعوية لغرض تنمية النبت الطبيعي المتدهور إضافة للتقليل من مساحة الأراضي المكشوفة المعرضة للجفاف والمسببة للعواصف الغبارية.
ت- تنفيذ مشروع تثبيت الكثبان الرملية المتحركة التي تؤثر على الآراضي الزراعية والبنى التحتية لمشاريع الري والبزل والطرق وإقامة الأحزمة الخضراء في المناطق التي تمت معالجة الكثبان الرملية فيها.
- إقامة مشروع الواحات الصحراوية اعتمادا على المياه الجوفية بهدف توفير محطات لشرب الماء ورعي الماشية وزيادة المراعي الخضراء واعتبارها مصدر لأكثار وتنميت أنواع النبت الطبيعي.
- انشاء شبكة من محطات الأرصاد الجوية الزراعية في كافة محافظات العراق الهدف منها توفير المعلومات والتحليلات المتعلقة بالطقس والمناخ لذوي العلاقة بالقطاع وبضمنها التاثيات الناجمة عن التغيرات المناخية.
ج. استنباط سلالات من المحاصيل الزراعية المتحملة للجفاف والمقاومة للملوحة والمتوائمة مع البيئة المحلية وخاصة بالنسبة لمحصول الحنطة.
د. تطبيق تقناة حصاد المياه والتوسع فيها في المناطق الصحراوية للأستفادة من السيول الناتجة من الأمطار.
تسببت التحولات البيئية جراء الجفاف بتراجع المساحات المزروعة في العراق إلى النصف. وفي حين تبلغ المساحات الصالحة للزراعة حالياً 14 مليون دونم، لن يتمكن العراق من زراعة سوى أقل من ثلث هذه المساحة فقط ضمن الخطة الزراعية الشتوية، وفق ما تذكر تصريحات رسمية.
وزارة الموارد المائية أكدت في بيان سابق أنها اتفقت على زراعة 5.5 ملايين دونم للموسم الشتوي المقبل 2023 – 2024، وهي تساوي المساحة المزروعة في الموسم الزراعي الشتوي الماضي 2022 – 2023. وتشمل زراعة 1.5 مليون دونم على المياه السطحية و4 ملايين دونم على المياه الجوفية، إضافة إلى الاستمرار بتأمين المياه للاحتياجات الأخرى بالنسبة للاستخدامات المدنية والبيئية وسقي البساتين بمساحة 1.1 مليون دونم.
يؤكد متخصصون أن الجفاف بالإضافة إلى أنه أدى إلى فقدان كبير في المساحات الصالحة للزراعة، تسبب أيضاً في تداعيات كبيرة بالتنوع البيولوجي الذي تعتمد عليه بشكل كبير النباتات لكي تواصل نموها وتكاثرها والحفاظ على سلالتها بشكل سليم.
وفق ما ذكرت لجنة الزراعة النيابية في تصريح سابق، فإن الأراضي الصالحة للزراعة في العراق انخفضت من 80 إلى 14 مليون دونم فقط.
عدة أسباب وراء حصول الجفاف في العراق، بحسب ما يذكر المهندس الزراعي جاسم الحسن، الذي ينشط في مجال البيئة ضمن فرق محلية مهتمة بتطوير الزراعة.
من أبرز هذه الأسباب على حد قول الحسن هي نقص الأمطار إذ تتراجع بشكل مستمر وخطورة ذلك تتمثل في أن الزراعة بالعراق باتت تعتمد بشكل كبير على الأمطار، لتعزيز وفرة المياه الجوفية، بعد أن جفت العديد من الأنهر وانخفضت كميات المياه في نهري دجلة والفرات الواردة من المنبع بنسب عالية.
وأشار إلى أن أي نقص في كمية الأمطار أو توزيعها على مراحل معينة من الموسم الزراعي يمكن أن يؤدي إلى جفاف الأراضي وتأثير سلبي على المحاصيل.
يضيف الحسن أن من الأسباب الأخرى هي التغييرات المناخية التي تسببت بارتفاع كبير في درجات الحرارة، لكن السبب الأبرز للجفاف على حد قوله يتمثل بـ”سوء إدارة الدولة للمياه”، لافتاً إلى وجود “مشاكل في إدارة المياه، سواء من ناحية توجيه الموارد المائية بشكل فعال أو منع التصرفات غير المستدامة في استخدام المياه”.
ومن أضرار الإدارة السيئة للمياه الأخرى بحسب الخبير الزراعي، هي “نقص البنية التحتية المتعلقة بالري الزراعي، مما يؤثر على القدرة على توفير المياه بشكل فعال للمزارعين”.
ويرى ضرورة مسايرة التطورات الجارية في العالم بمجال الزراعة الحديثة ووسائل الري المتطورة وغير التقليدية، التي توفر كميات كبيرة من المياه التي تهدر للإرواء بطرق قديمة، وتسمح بري أضعاف المساحات التي تروى بالوقت الحالي، على حد قوله.
ويؤكد الحسن أيضاً أن سوء إدارة المياه كان وراء ظاهرة التصحر التي تتسع عاماً بعد آخر، مؤكداً أن “التصحر يسبب فقدان التربة الصالحة للزراعة”.
المياه، سواء كانت تتمثل بالأنهار أو البحيرات والمستنقعات وغيرها، تساهم بشكل كبير في التنوّع البيولوجي الذي بدوره يساهم في تطوير الزراعة وتحسين التربة والنبات والمحاصيل الزراعية، وفق ما يؤكد الخبير البيئي عصام النعيمي.
ويساعد التنوع البيولوجي على تلقيح النباتات، وتنقية المياه والهواء، وتكوين التربة، ومكافحة الآفات والأمراض، والتكيف مع التغيرات المناخية، بحسب النعيمي الذي يؤكد أن الحفاظ على التنوع البيولوجي في العراق أمر بالغ الأهمية للحفاظ على صحة النظم البيئية واستدامتها؛ حيث يحسن الإنتاجية الزراعية عن طريق تعزيز التلقيح الطبيعي وتحسين صحة التربة والحفاظ على التنوع الوراثي للمحاصيل والسلالات المحلية التقليدية، وتوازن النظم البيئية.